كان مثل كثير من الشباب ..
قطع الصلة بينه وبين الله سبحانه وتعالى ...
فهو لا يصلّــي .. وإن صلّــى ففي صلوات الجمعة والأعياد ..
هائم على وجهه في هذه الأرض ... يفرح بشبابه ... ويتسكع مع أحبابه من أصدقاء السوء ..
نسي الآخرة .. وأخذ يغني للدنيا أعذب الألحان ..
نصحته كثيرا .. لم يكن يرد إلا بكلمة واحدة ... يا أخي إن الله غفور رحيم ..
فكرت في أمره كثيرا .. فلقد كان خليل عمري ... قبل أن يمن الله علي بالالتزام ..
وأتمنى أن يهديه الله تعالى كما هداني ..
بعد تفكير طويل .. فكرت في فكرة .. وسألت الله أن يوفقني ..
ذهبت إلى السوق .. اشتريت : آلة حاسبة .. وورقة .. وقلما ..
ثم ذهبت مسرعا إلى بيته ..
وصلت إلى بيته وطرقت الباب .. فأدخلني .. رحب بي كثيرا .. فقد كنا أصدقاء العمر ..
بعد التحية والكلام المعتاد ..
أنـــا : أيمن .. أحب أن أفتح معك موضوعا ..
أيمن : أعرف ما هو ... ! الصلاة ... والمعاصي والفيديو ... وووو !
أنـــا : أيمن .. ألا تخاف من لقاء الله عز وجل ؟
أيمن : إن ربك غفور رحيم ..
أنـــا : نعم يا أيمن .. ولكنه شديد العقـاب .. !
أخرجت الآلة الحاسبة .. والورقة والقلم .. نظرت له .. وفاجأته بسؤال ..
كم عمرك يا أيمن ؟
قال لي : خمس وعشرون سنة ..
قلت له .. يا الله .. خمس وعشرون سنة ..
وأخذت أحسب على الآلة الحاسبة :
25 سنة × 12 شهرا = 300 شهر
300 شهرا × 360 يوما = 108 ألف يوم .. !
الله أكبر .. يا أيمن ..
لو أنك عصيت الله مرة واحدة في اليوم .. هذا يعني أنك قد عصيت الله بـ 108 ألف معصية في عمرك .. حتى الآن .. !
كيف تلقى الله بـ 108 ألف معصية .. ما هو عذرك أمام الله عز وجل ؟
أيمن كيف لو أنك عصيت الله مرتين في اليوم .. يعني أنك ستلقى الله بـ 216 ألف معصية وذنب .. !
أيمن كيف لو أنك عصيت الله .. ثلاثة أو أربعة أو خمسة مرات .. أو مائة ذنب في اليوم .. ؟!
أيمن كيف لو كان عمرك أكثر من خمس وعشرين سنة .. كيف لو كان عمرك ثلاثين أو أربعين أو سبعين سنة .. ؟!
كم من ذنب سوف تحمله على كاهلك الضعيف .. ! ؟
أيمن .. إن كل فعل مكتوب عليك ... وكل قول محسوب عليك .. ذلك مكتوب في كتابك الذي سوف تقرأه يوم القيامة ..
قال الله عز وجل : " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها .. ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا "
لمحت أيمن .. بعد أن قرأت تلك الآية الكريمة ..
العرق يتصبب من وجهه ..
اغرورقت عيناه بالدموع ..
إنه الخوف من الله ....
الله أكبر .. لقد شعر أيمن أخيرا بالخوف من الله عز وجل ...
انسابت الدموع على وجنتيه .. إنها دموع حارة ..
فيها سخونة الذنب ومرارته ....
قلت له .. لقد كتبت لك هذه الورقات .. التي فيها كشف حسابك ..
تخيل يا أيمن . لو أن مثل هذه الورقات هي كتابك الذي ستقرأه يوم القيامة على الله سبحانه وتعالى ..
ماذا ستقول له يا أيمن .. لو قال لك .. أأعطيك سمعك وبصرك ... وأرزقك كل ما هو حولك .. ثم لا تشكرني .. بل تستخدمها في معصيتي .. ؟
رأيت الدموع وهي لا زالت تنساب على وجنتيه ..
قلت له .. أيمن .. هل تعلم أنك لو تبت توبة صادقة من قلبك وندمت على ما مضى من الذنوب ..
وعزمت على عدم العودة إليها مرة أخرى ..
هل تعلم يا أيمن أن الله سيغفر لك .. جميع ذنوبك .. ويغسل لك خطاياك وينقّيك منها ؟
بل هل تعلم أن الله لو علم صدق توبتك وحبك لك .. سيبدل سيئاتك حسنات؟
استمع يا أيمن إلى كلام ربك : " إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات .. وكان الله غفورا رحيما "
سبحان الله .. كل الذنوب والمعاصي .. يبدلها الله حسنات ...
أيمن .. عد إلى ربك .. وارجع إليه .. تب إليه ..
قم .. قم يا أيمن وتوضأ بماء التوبة.. واغتسل بماء الرجوع إلى الله .. وبدل سيئاتك حسنات ...
أيمن .. استبدل ..
الأرصفة والطرقات .. بالمساجد والجوامع ...
والملاعب والملاهي .. بحلقات الذكر والقرآن الكريم ...
وحب الفتيات .. بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ...
ولقاء أصدقاء السوء .. بلقاء المؤمنين الطيبين الطاهرين ...
والأغاني .. بالذكر والتسبيح وقراءة القرآن ..
والانحراف .. بالاستقامة ..
والضياع .. بالالتزام ....
قم يا أيمن ..
قم واستبدل الذي هو أدني بالذي هو خيـر ..